تسير التنمية الاقتصادية في مناطق كثيرة من العالم في اتجاه واحد منذ انطلاق الثورة الصناعية، وهو "المجتمع الاستهلاكي". فقد تمحور النمو الاقتصادي حول نموذج "الأخذ والصنع والاستخدام والهدر"، حيث نأخذ الموارد من الأرض ونصنع المنتجات ونتخلص منها كنفايات عندما تنتفي الحاجة إليها.
لا يوجد أدنى شك في أن تغير المناخ هو أحد أكبر التحديات التي يواجهها عالمنا اليوم. ومع ذلك، وعلى الرغم من وجود كم هائل من المعلومات التي يقدمها الخبراء حول هذا الموضوع تحديدًا، إلا أن خفض مستوى "الكربون المجسد" يعد موضوعًا حيويًا ذا صلة وثيقة بقضية تغير المناخ ويتطلب الكثير من الجهد والتعاون بقدر ما تتوفر هذه الكمية المهولة من المعلومات الواردة في التقارير والدراسات، وذلك حتى نتمكن من تحقيق التقدم المرجو على أوسع نطاق ممكن، وأن نخرج من نطاق الدائرة الضيقة الممثلة في عدد محدود من الشركات الدولية التي أحرزت تقدمًا ملحوظًا في هذا الشأن. وإذا ما أخفقنا في ذلك وفي تحديد المخاطر المرتبطة بالكربون المجسد، فلربما نجد أنفسنا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا مضطرين للتعامل بأسلوب رد الفعل مع الإرشادات الصناعية العالمية التي تشهد تغييرات سريعة بدل أن نكون السباقين في هذا المجال. ولا يبدو أننا في الوقت الحالي نبدي الاهتمام الكافي لمعالجة هذه المشكلة، والتي تستوجب تحركًا عاجلًا وعلى نطاق واسع لتفادي تفاقم مشكلة الكربون المجسد، والتي تتضخم يومًا بعد يوم، وذلك من واقع الأرقام التي توردها العديد من الهيئات الدولية الرائدة، وهي الأرقام عينها التي سترسم صورة قاتمة وبشكل ملحوظ إذا ما تأخرنا أكثر من ذلك.
في تقريرها الصادر عن العام 2019 ذكرت الشبكة الدولية للاستثمار المؤثر أن حجم الاستثمار المؤثر في السوق العالمية بلغ 715 مليار دولار أميركي، وهو ذلك الاستثمار في مشروعات قادرة على إحداث تأثير إيجابي على المستوى الاجتماعي أو البيئي.